يهل عليه العام كالعادة، لا يأبه بمسيرة الايام، تمر عليه المواسم في عجلة من أمرها، لا تعيره ادنى اهتمام، في مقهى الحي يجد ضالته، هناك في المائدة الخلفية ذات الكرسي الوحيد، يمص سيجارته الرخيصة و يرشف قهوته السوداء، عرفته الطاولة و ألفه الكرسي، وباتا ينتظرانه كل يوم ليسمعا منه حكايته التي يبدو ان نهايتها قد اقتربت، كان الكرسي يفتح ذراعيه له و يسمح له بالجلوس رغم أنه كرسي فقد احد ارجله في مكان ما، الطاولة بدورها تحني ظهرها ليصير سفينة على متنها يسافر هو عبر متاهات و دهاليز حياته.لم يعد الكرسي و الطاولة لوحدهما في تلك الزاوية المظلمة من المقهى ، اصبح الفراغ حيا ، ينبض بحركة ظلال جاءت بها حكاياته الغريبة، وُلدت على أوراقه البيضاء الموضوعة على ظهر الطاولة ، احس الكرسي و الطاولة ان اليوم يوم عيد ، فقد شهدا الولادة التي طالما انتظراها، كانت عسيرة لكنها في النهاية صارت كلمة حية لم تستطع جدران الزاوية المظلمة احتواءها، بل امتدت لتضم كل الكراسي و الطاولات التي أعلنت يومها تمردها على كل الجالسين العاشقين للحكي وراء الاستار.انفلت ابتسامة من بين شفتيه الجافتين، قام من على الكرسي ، شد بقوة على طرف الطاولة الباردة، ابتعد قليلا ونظر الى المقهى الفارغ تماما ثم قال:- غدا لي موعد اخر مع عيد جديد .السعيد بابا ) سعيد جاد محمد( ورزازات