وقد تولى أمر بني إسرائيل بعد وفاة يوشع بن نون وهو حزقيل بن نون ابن العجوز الذي دعا للقوم الذين ذكرهم الله في كتابه. قال تعالى:»ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت«البقرة243. فهذه قرية داوردان التي وقع فيها الطاعون فهرب عامة أهلها ونجوا ومات من بقي في القرية فقال الناجون لو أن الباقين فعلوا مثلنا لكانوا عاشوا معنا فناداهم ملك من أسفل الوادي وآخر من أعلاه أن موتو فماتوا،فمر حزقيل من هناك فلما رآهم وقف عليهم فجعل يتفكر فيهم، فأوحى الله إليه:أتريد أن أريك كيف أحييهم، قال: نعم فناد مناد:يا أيتها العظام إن الله يأمرك أن تجتمعى ثم أمرها ان تكتسي باللحم ثم أمرها أن تقوم. فقاموا وقالوا جميعاً»سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت« فلبث حزقيل فيهم يقيم أمر الله إلى أن قبض، فلما نسي بنو اسرائيل عهد الله إليهم وعظمت فيهم الأحداث وعبدو الأوثان وكان في جملة ما يعبدونه من الأصنام صنم يقال له»بعل« فبعث الله إليهم النبي إلياس وقد قدمت قصة إلياس تبعاً لقصة الخضر لأنهما يقرنان بالذكرغالباً~~~~~~~~~~~~~~شعيب عليه السلاموقصة أهل مدين: شعيب كان ممن آمن بسيدنا إبراهيم يوم أحرق بالنار. وهاجر معه إلى الشام فزوجه بنت لوطعليه السلام، وكان أهل مدين كفاراً يقطعون السبيل ويخيفونالمارة ويعبدون »الأيكة« وهي شجرة من الأيك وحولها غيضة ملتفة بها. وكانوا من أسوأ الناس معاملة يبخسون المكيال بالميزان ويطففون بهما، فبعث الله إليهم رجلاً منهم فدعاهم لعبادة الله وحده، ونهاهم عن تعاطي هذه الأفاعيلالقبيحة من بخس الناس أشياءهم وسلبهم ممتلكاتهم وذكرهم بنعمة الله تعالى وفضله عليهم، وهددهم إن هم بقوا على ما هم عليه أن يذهب الله نعمته عنهم ويمحقهم ويفرقهم، فكانوا يستهزئون من كلامه، ومن تهديده:»قالوا يا شعيب: أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبدآباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لانت الحليم الرشيد«هود ـ87. فكانوا يقولون له ذلك على سبيل الاستهزاء. عند ذلك بدأ شعيب يذكرهم بما حصل بالأقوام الغابرين من قبلهم } ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد { هود ـ89 ـ.ومدين قريبة من سدوم مكان قوم لوط الملعونين،وكذلك بالزمان فإنهم كانوا قريبي العهد بهم وكذلك بالصفات المستقبحات من قطع الطريق وأخذ أموال الناس جهرة إلاّ أنهم استضعفوه واستهونوا عذابه، ويقال عن سيدنا شعيب أنه بكى حتى فقد بصره فقيل له يا شعيب... أتبكي خوفاً من النار أومن شوقك إلى الجنة فقال من محبتك يا رب فإذا نظرت إليك فلا أبالي ماذا يصنع بي فأوحى الله إليه: هنيئا لك يا شعيب لقائي، فلذالك أخدمتك موسى بن عمران كليمي فكانوا يقولون له: } قالوا يا شعيب ما نفقه كثيراً مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفاً ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز{ هود90. عند ذلكتركهم شعيب على ما هم عليه } ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعملون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب وارتقبوا إني معكم رقيب{ هود ـ93. فاشتد قومه عليه وعلى من آمن معه وطالبوهم أن يعودوا عن دينهم هذا ولو بالقوة، عند ذلك دعا شعيب على قومه بالهلاك فأصابتهم الرجفة أي رجفت الأرض بهم وزلزلت زلزالاً شديداً أزهقت أرواحهم من أجسادهم وأصبحت جثثهم خاوية لا أرواح فيها، وقد أصيبوا بأنواع العقوبات وأشكال البليات وذلك لما اتصفوا به من قبح الصفات. وقد ذكر أن شعيباً كان بعد يوسف عليهم السلام، وقيل إنه مات بمكةومن معه من المؤمنين وقبورهم غربي الكعبة بين دار الندوةودار بني سهم.