الإنسان مسيرٌ مخير ، ومعنى مخير أن له الاختيار فيما يفعل ويترك ، والنصوص الشرعية تدل على الإنسان مخير وأن له اختياراً كما يريد ، كما قال الله تعالى : ) من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوفِ إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون( ، وقال عز وجل : ) لمن شاء منكم أن يستقيم ( .ويدل لذلك أن الإنسان يختار أن يسافر البلد الفلاني ، ويختار أن يدرس الكلية الفلانية ، ويختار أن يأكل الطعام الفلاني ، وهكذا في باقي الاختيارات .لكن هذا الذي اختاره أمرٌ مكتوبٌ عند الله ، وهو لا يعلم ما كتبه الله عليه إلا بعد أن يقع فيعرف أن هذا مكتوب ، فالإنسان يفعل باختياره بلا شك ، لكن إذا فعل فإنه يجب عليه أن يؤمن بأن هذا الشيء مقدر عليه من قبل ، لكنه لم يعلم بأنه مقدر إلا بعد وقوعه ، ولهذا جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال " ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار" ، قالوا : يا رسول الله أفلا ندع العمل ونتكل على الكتاب ؟ قال : " اعملوا ، فكلٌ مسيرٌ لما خلق له ، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة ، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة " ، ثم قرأ قوله تعالى ) فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى . وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى ( .والواجب على الإنسان أن يحسن الظن بربه ، وأن الله قدر له الخير ، فيجتهد في الخير وفي كل ما يقرب إلى الله ، ويسعى جاهدا إلى ترك الشر والحرام .والله أعلم.