ظّلّ السؤال، “هل السياسة لا تعرف المبادئ” حاضراً في كل المواقف السياسية خاصّةً تحوّل أو تبدل المواقف من الضد إلى الضد.. في ساحتنا السياسية صورة مُكتظة بالمواقف المُتقلبة التي تجرِّد السياسي من أدنى درجات المصداقية.أمس، أعادت آلة )الإعلام الإلكتروني( تدوير حوار صحفي قديم لرئيسة الحزب الليبرالي ميادة سوار الدهب، تقول فيه بالخط العريض “بقاء النظام يُهدِّد الجغرافيا السودانية”..الآن ميادة وضعت يدها فوق يد النظام، بمعنى أنها الآن تدعم بقاءه وتطيل عمره، هذا وفقاً لتصريحها السابق.حينما قرّر المعارض الشرس حسن إسماعيل، الدخول في حكومة الإنقاذ التي عارضها لسنوات، اضطر لإغلاق صفحتهعلى “فيسبوك” حتى لا يُواجه ردة الفعل العنيفة من مُتابعيه.. وقتها أعاد النشطاء تدوير مقطع )فيديو( لمخاطبةحامية كان ألقاها حسن إسماعيل في تأبين السنهوري أحدالشباب الذين قضوا في احتجاجات سبتمبر 2013م، ولسُخونة الكلمات في ذلك المقطع، أُعيد تداوله على نطاق واسع، وكان حسن يردِّد )إما أن نسقط هذا النظام أو نلبس طرح ونقعد في بيوتنا(.الأمين السياسي السابق لحزب المؤتمر الشعبي كمال عمر، ظلّ طيلة سنوات المفاصلة مُنافحاً، شَرساً وغير مُهادنٍ، لم يكن لكمال عبارة يرددها سوى )نحن هدفنا إسقاط النظام(، )نحن بنتكلّم عن إسقاط نظام، فكيف نتحاور(؟!هذا التحوّل في المواقف، مع ثبات الأسباب والدواعي التيكانت تنطلق منها تلك المواقف يقود إلى سؤال، هل هؤلاء حقاً مُعارضون، أم هي مجرد سياحة في المعارضة، أمأن السياسة تتطلّب ذلك؟!مفهوم عموماً، إن هناك تغييرات أو مُتغيِّرات تفرض معادلة سياسية جديدة، وعليه تتحوّل المواقف السياسية، لكن ما نراه في الساحة السودانية هو ليس مجرد تحوُّل في موقف سياسي فحسب، بل تحوُّل في مواقف أخلاقية ومبدئية.حينما يقول سياسي، إن هذا النظام لا ينفع معه حتى العلاج بالكي، ولا سبيل إلاّ إسقاطه، ثم يأتي ليدخل في شراكة سياسية مع ذات النظام الذي لم يتقدّم خطوةفي اتجاه أن يُثبت للآخر أنّ في استعداده التغيير، بل هو متقدم نحو الأسوأ.. يبقى من العسير أن يحتفظ الرأي العامباحترام هذا السياسي أو ذاك.عددٌ من الذين تحوّلوا برّروا ذلك أنّ المعارضة فاشلة، وليس في مقدورها أن تقدم شيئاً، صحيح، يُمكن أن تكون المُعارضة فاشلة ومُنقسمة، وغير مبدئية، لكن هذا المُبرِّر مردودٌ على صاحبه، لأنه استبدل الفشل بالفشل الذي كان ينافح ضده.. وبعض هؤلاء، يتحوّلون في مواقفهم لدرجة تبني رؤية الطرف الآخر أكثر منه، أي يصبح ملكياً أكثر من الملك!الذي ينبغي أن يُوضع في الاعتبار وهو المحك الأساسي لهز صورة السياسي المتحول وتجريده من الاحترام، هو أن هناك آلة إعلامية ضخمة )الإنترنت( هذا سلاح فتاك، يأتيك بتاريخك في لحظة، فاحذروا!!