لم ينشغل السودانيون بشئ، أو يتفاعلوا معه بصورة واسعة، بمثلما انشغلوا وتفاعلوا مع الخبر الذي نُسب إلى قناة العربية، والقائل بأن أمريكا أزالت اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب. بل إن اهتمام الناس بذاك الخبر، فاق اهتمامهم بحكومة الوفاق الوطني، أو سمهم المنقذون الجدد، الذين استوزروا مؤخراً..!ومن نافلة القول أن نشير إلى أن عدم اهتمام المواطنين بحكومة الوفاق الوطني يعود إلى فرط هوانها عند الناس،بسبب الهرجلة التي لازمت تكوينها، وبسبب الاصطراع حول غنائمها الذي فاق كل التصورات، وبسبب أنها حفلتبفواصل عبثية مضحكة ومبكية، ذلك أن وزراءها منهم من قضى قسمه ومنهم من ينتظر..!المهم أن اهتمام الناس بخبر رفع اسم السودان من القوائمالسوداء المرتبطة بدعم الإرهاب، واحتضان الإرهابيين، ذاع بين الناس ذيوعاً عظيماً، وحاز اهتماماً كبيراً، لدرجة أنه كان مثار استفهام الكثيرين، خاصة أن الخبر أوجد التباساً كبيراًبين العامة وبعض النخب وقادة الرأي، مع أن الخبر الذي يشير إلى زيادة احتمالية رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، دون أن يقطع بحدوث ذلك، نُشر يوم السبت في عدد من صحف الخرطوم..!دعونا من ذلك، وتعالوا نعاين الفرحة التي عمّت قطاعات واسعة من السودانيين، بعدما أشيع أن أمريكا رفعت اسم السودان من القائمة السوداء، ففيها توضيح لحجم الأذى الذي كان واقعاً على الناس، جراء سياسة الحكومة المضطربة والمتحوِّلة..!ولأن المقام مقام وطنية، ولأن المشاعر الآن تبدو منصبّة كلها ناحية الوطن، لذلك سوف "انخمد" وأكتم مشاعري التي تمتزج فيها الحيرة بالاستغراب بالغيظ بالشماتة، ولن أسال عن الدواعي والأسباب التي تجعل السودان يتموضع في تلك القائمة المُذِّلة طوال السنوات الماضية..!ولكي لا تأخذ من البعض الحماسة كُلَّ مأخذ، ويتهمنا البعض بما ليس فينا، فإننا نقول إن لسان الحكومة وموقفها يشيران إلى أن وجود اسم السودان في تلك القائمة مُذِّل، وأنه لا يجلب الزهو، وإلا لخرجت حكومة الحركة الإسلامية إلى الناس، وقالت إنها ترفض الخروج من تلك القائمة، لأنه وجود السودان فيها دليل عزة وكرامة..!دعونا من ذلك أيضاً، لأننا لن نسأل عنه، كما أننا لن نسألعن الأسباب التي جعلت السودان يتفسّخ - الآن - من حوصلةرُعاة الإرهاب.. ولكننا سوف نسال سؤالاً واحداً: ما الذي تغيَّر؟ هل تغيَّرت أمريكا أم المؤتمر الوطني حتى يُرفع السودان من قائمة الإرهاب..!؟أقول ذلك وفي بالي شيئان، أولهما التصريح الموصول لأحد قادة الحزب الحاكم حينما قال: "لو شفتو أمريكا رضيت مننا.. أعرفوا إنو نحن ما ماشين عديل"..! وثانيهما أنراعي الضأن في الخلا يعرف أن أمريكا لم تبدِّل في مواقفها ولو مقدار أنملة.حسناً، فإذا ثبت أن الذي تغيَّر هو المؤتمر الوطني، وهو أمر راجح جداً، فساعتها يتوجّب علينا – جميعاً – أن نقول له "نان قوة الرأس من زمان لزوما شنو..!?"كما يتوجب علينا أن نتساءل أيضاً مع من يسأل: "هل ستقوم الإنقاذ - من باب المعاملة بالمثل - برفع اسم أمريكا من قائمة الدول التي دنا عذابها..!?"